afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

“الإيدز”يهدد شباب المغرب في غياب برامج التوعية

لم يتخيل سمير وهو شاب في مقتبل العمر أن ينتقل إليه فيروس نقص المناعة المكتسب عبر علاقة جنسية عابرة، فما إن تلقى خبر إصابته بفيروس الـ «إيدز» عبر كشف مجاني، حتى داهمته نوبة هستيرية جعلته ينخرط في بكاء متواصل وانطواء وعزلة.
فمعاناة ضحايا مرض الإيدز في المغرب لا ترتبط بارتفاع تكلفة العلاج فحسب بل تتركز أساساً في التعامل الاجتماعي ونظرة «التقزز والنفور» من المصاب، وما تفرزه من انعكاسات نفسية وشعور بالإقصاء والتفكير في الانتحار.

السيناريو الأسود الذي رسمه سمير لنفسه كان كفيلاً بأن يجعله يخفي خبر حمله للفيروس عن عائلته والمقربين منه، إذ تخيل أنهم إن علموا بالأمر فلن يترددوا في حرقه أو عزله في مكان بعيد حتى يموت.
لكن ولللمفاجأة، تغيرت نظرته إلى حياته بعدما التقى بمساعدة اجتماعية حاولت أن تخرجه من الخوف والحزن الذي يعيش فيهما، ما دفعه إلى نسج علاقات صداقة مع مرضى حاملين للفيروس، ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي.

حالة سمير واحدة من بين الحالات التي اكتشفت مصابها الجلل هذا العام، إذ بلغ عدد الحالات المصرّح بها 8 آلاف و40 حالة حتى نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
وبالمقارنة مع أرقام برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز، التي تشير إلى أن عدد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب في المغرب يناهز 30 الفاً، فذلك يعني إن نحو 22 ألفاً، أي ما يمثّل 74 في المئة، يجهلون أنّهم مصابون أو حاملون للفيروس وهو ما اعتبره وزير الصحة المغربي الحسين الوردي أمراً خطيراً جداً! وتشكل النساء المصابات من بين مجموع الحالات المصرّح بها، ما نسبته 48 في المئة، فيما تتراوح أعمار المصابين، في صفوف الجنسين، بين 25 و 44 سنة.

وتهدف الحملة الوطنية الثالثة للكشف عن «الإيدز» التي تنظمها وزارة الصحة بالشراكة مع جمعيات المجتمع المدني وتستمر لغاية 27 الجاري، الى إجراء 320 ألف تحليل في إطار تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة «الإيدز»، وتمتد من 2012 وحتى 2016.

وتقول رئيسة المنظمة الأفريقية لمحاربة «الإيدز» نادية بزاد، إن المرض في تزايد مستمر في المغرب «حيث يموت 4 أشخاص ويتم تشخيص 10 إصابات جديدة ويولد 100 رضيع حاملين للفيروس كل يوم».

وتدعو بزاد الى «كسر جدار الصمت حول هذا المرض لأن الإصابة به في تزايد مستمر، خصوصاً في أوساط الشباب، وتقدر الأرقام غير الرسمية بـ6 ملايين مصاب، أي ما يشكل 20 في المئة من السكان»، مشيرة إلى أن هناك نقصاً كبيراً في برامج التوعية بين الشباب واليافعين في ما يتعلق بأساليب الوقاية والحماية.

في المقابل كشفت دراسة إحصائية حديثة لصندوق الأمم المتحدة للسكان عن أرقام مخيفة حول السلوكيات الجنسية للشباب المغاربة، وأفادت الدراسة بأن 2.
5 في المئة من عاملات الجنس مصابات بفيروس الإيدز، وأن 12 في المئة من العلاقات غير الشرعية انتهت بالحمل، في حين يمارس 60 في المئة من الشباب الجنس مع عاملات جنس، و15 في المئة منهم لا يستعملون العازل الطبي، وأن ثلاثة أرباع المصابين بفيروس «الإيدز» لم يصرحوا بالمرض بالإضافة إلى أن 42 في المئة من الشباب المغاربة، أي حوالي النصف، يلجأون إلى استخدام عقار الفياغرا من دون وصفة أو حاجة مرضية، وهو ما يطلق عليه «الحبة الزرقاء السحرية».

وأفادت الدراسة بأن «آلاف المراهقين والمراهقات يمارسون الجنس، ويعبث بعضهم بأجساد بعض في الثانويات والأزقة المجاورة لها، وأن 48 في المئة من هؤلاء الشباب حاملون لفيروس «الإيدز»، ما يتسبب في انتشار المرض بين أوساط المراهقين والأعمار الفتية بينما الثقافة الصحية غائبة تماماً في أوساط هؤلاء الشباب، المتشوقين إلى الجنس وممارسته بكل الطرق».

وخلصت الدراسة إلى أن المغرب سيصبح قريباً جداً مرغماً على تبني مقاربة شاملة تضم قطاعات متعددة لمحاربة الفيروس ، كما شددت على ضرورة تعزيز الثقافة الجنسية لدى المراهقين والمراهقات، داعية المغرب إلى اتباع نهج الدول التي تعتمد هذه الإستراتيجية، وأعطت نتائج إيجابية.

وشددت الدراسة على ضرورة إعطاء أهمية كبرى لقضية التربية الجنسية، قبل أن يعاني المغرب من مشكل خطير في ما يخص الصحة الجنسية والإنجابية للمراهقين الشباب المغاربة، باعتبار أن هذه الأخيرة تندرج ضمن حقوق الإنسان وغيرها، فعدم الوعي بخطورة الأمراض المنتقلة جنسياً، وبخاصة المزمنة منها، قد يؤدي إلى كوارث سيعاني منها الشباب المغربي مستقبلاً».

فاطمة عاشور دار الحياة

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد