حسن لعشير يكتب.. مكانة الوزراء بين الامس واليوم
حسن لعشير
قديما كان للوزراء هيبة ورفعة عظيمة ومكانة عالية وشخصية عمومية نافذة في الدولة، فالكتابات الموجهة الى الوزراء تستدعي مفردات لغوية خاصة بهم من قبيل "معالي السيد الوزير المحترم"، وكان الوزير في جميع مداخلاته يعتمد على اللغة العربية باتساق عباراتها والفاظها دون التلعثم في الكلام، مما يعطي صورة جيدة لمعالي الوزير، بينما اليوم أصبح الوزير يتشدق بٱلفاظ سخيفة ويسهى في المعيور والتنابز بالالقاب.
وما يهمنا في هذا الموضوع هو مباغة المغاربة بنعالي أصوات الاستنكار والتنديد مفتوحة على جميع الجبهات بالشبهات، والزبونية والمحسوبية، اللتين طالتا نتائج مباراة نيل الأهلية لولوج مهنة المحاماة المعلن عنها من قبل وزارة العدل . حيث أثارت لوائح الناجحين موجة غضب عارمة، والاستياء والتذمر في صفوف الطلبة الحاملين لشهادات عليا ، حيث أن النتائج كشفت عن وجود عدد من الناجحين يحملون ألقابا تنتمي إلى عائلات وشخصيات نافذة ومرموقة في الدولة من قضاة ومحامين ومسؤولين إداريين وسياسيين ومنتخبين، بمن فيهم ابن وزير العدل نفسه.
وما تخلل خرجة الوزير الإعلامية من استفزاز غير مبرر لمشاعر المواطنين وإهانة لهم، مفتقدا بذلك أبسط شروط واجب التحفظ ، التي يفترض أن تشمل أي كلمة ينطق بها السيدات والسادة الوزراء وغيرهم من كبار المسؤولين والمنتخبين . إذ أن وزير العدل أبى مرة أخرى إلا أن يشعل نيران الغضب ليس فقط في صدور المترشحين غير الناجحين في مباراة المحاماة ، بل في صدور جميع المغاربة من طنجة حتى لكويرة، وإلا ما معنى ذلك الاستعلاء والتفاخر في رده على أحد الصحافيين حول نجاح ابنه بالقول: (ولدي باه لباس عليه ، عندو الفلوس، وقراه فالخارج، وحاصل على جوج إجازات في موريال بكندا ) ،ضاربا بعرض الحائط بكل ما يبذل من جهود وتصرف من ميزانيات ضخمة من أموال الشعب، قصد النهوض بالمدرسة والجامعة العموميتين؟ ومن أين اكتسب الفلوس التي يتباها بها؟! ثم ما جدوى وجود عضو في الحكومة مسؤول عن قطاع كبير وذي حساسية بالغة من قبيل “وزارة العدل” أن ينطق بكلام سخيف على عواهنه دون أدنى مراعاة لما يمكن أن يترتب عنه من إساءة وتجريح لأبناء الشعب المغربي، وردود فعل غاضبة في ظل تأزم الأوضاع، ثم يعود بلا حياء ولا خجل ولا وجل ، ليعتذر عبر قنوات رسمية تحت ذريعة أنه كان تحت تأثير حالة من الاستفزاز، لم يستطع معها ضبط أعصابه والتحكم في لسانه؟ ألا يعلم أن الوزير أو أي مسؤول آخر عن الشأن العام هو في الأصل موظف لدى عموم الشعب ، اختار أن يتولى المنصب من أجل خدمة المواطنين والعمل على تحسين ظروف عيشهم والحفاظ على كرامتهم وليس احتقارهم؟ ومتى كان معيار النجاح في المباريات يقوم على ثراء الآباء ومدى قدرتهم على ارسال أبنائهم في البعثات الى الجامعات الأجنبية ودول الخارج؟
هذا، فإن عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب "الاصالة والمعاصرة" لم يعمل للأسف منذ تقلده منصب وزير العدل سوى على مراكمة الزلات والتشويش على الحكومة إلى الحد الذي لم تفتأ فيه الأصوات تنادي بإقالته، حيث أنه لم يقم بأي اجتهاد ملموس في اتجاه الارتقاء بالسياسة الجنائية أو تحسين وتقوية الجوانب القانونية لجعلها تتوافق والمعايير الكونية والآليات الدولية لحقوق الإنسان، فأين نحن إذن مما يستلزم توفره في الوزير أثناء معالجته لبعض الملفات، من صبر وحكمة وتبصر وإصغاء لنبض الشارع وحوار ديمقراطي ومهارات تواصلية؟ هذا هو الوزير في زمن الرويبضة.
|
|
رابط مختصر
شاهد أيضا :
لاتفوتك :
القائمة البريدية
إشترك بالقائمة البريدية للتواصل بجديد الصحيفة بإيميلكم
استطلاعات الرأي
-
هل انت مع تشكيل حكومة من حزب الأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة فقط أم مع توسيعها؟
التعاليق