اقليم الحوز بين الماضي السحيق الذي عانت ساكنته من التهميش والفقر والعوز واستشرافه لمستقبل واعد ومشرق
عبد الفتاح مصطفى ـ الرشيدية
"رب نقمة فيها نعمة" هكذا يقول المثل... يمكن أن ينطبق هذا على المناطق التي ضربها الزلزال مؤخرا بالمملكة المغربية وخاصة اقليم الحوز.
ويعتبر اقليم الحوز الذي شهد أعنف هزة أرضية ضربت المغرب منذ أكثر من قرن، من أحد الأقاليم المغربية الواقعة جنوب غرب المغرب ، وينتمي الى جهة مراكش أسفي ، ويبعد عن مدينة مراكش بحوالي 40 كيلومترا، ويعتبر من الأقاليم المغربية الناشئة، اذ أنشأ سنة 1991، ويمتد علي مساحة تقدر بحوالي 6200 كلم مربع . ويضم نحو أربعين قرية و مدينتين، أهمها: أيت أرير – مولاي ابراهيم وأسني، أمزميز، تاحناوت، تامصلوحت، تامكروت، تيدلي، وقرية ايغيل التي سجل بها مركز الزلزال الذي ضرب الإقليم و أقاليم أخرى مجاورة.
ألحديث على اقليم الحوز في هذه الفترة بالذات، وذلك بعد ظهور فيديو تداولته عدة مصادر اعلامية ضمن شبكات التواصل الاجتماعي لسيدة طبيبة اشتغلت بالإقليم، حيث أن كلامها يدمي القلوب قبل العيون. ما قالته الطبيبة عن ساكنة الاقليم كان بمثابة شهادة عينية في حقهم. طبيبة تعرف أحق المعرفة الناس الذين توفوا، هم أناس من أطيب خلق الله، ومن أفقر الناس في العالم ، عندما التحقت الطبيبة بعملها بالمنطقة أصيبت بصدمة كما قالت ، حسبت نفسها أنها ليست من المغرب بل هي في القرون الوسطى ، حيث ان ساكنة هذه المناطق لا يملكون أي شيء ، يعيشون بما يتوصلون به من عوائلهم من خارج الاقليم ، من خادمات البيوت ، و الأولاد الذين يشتغلون في المتاجر ، النساء و الأولاد يبقون في الدوار ، حتى رجوع الرجال الى قراهم مرة واحدة في العام..
الطبيبة تضيف في الفيديو : أن ثمانين الى تسعين بالمائة من الساكنة عند فحصهم ، يشتكون من "السخفة" وسوء التغذية ، وغالبية الأطفال و النساء الحوامل مصابون بفقر الدم ، غالبيتهم يعيشون بالخبز و الزيت و الشاي.
الساكنة تقول الطبيبة: يقطعون مسافات طويلة على الأقدام لقضاء أي غرض من الأغراض " وثائق ادارية، نقل نساء حوامل للولادة، أو لأجل التسوق و التبضع ".. في غياب وسائل النقل بل انعدامها، ولقضاء أغراض أخرى، وجب عليهم النزول من أعالي الجبل مشيا على الأقدام حتى في أيام الثلج ، ناس ليس لديهم أحدية و لا ملابس، مراكز الاستشفاء متباعدة و متفرقة، وغالبا ما تعاني من نقص في الأطباء و الممرضين ، المدارس عبارة عن غرف متفرقة هنا و هناك، تفتقد في غالب الأحيان الى أساتذة ، باختصار هذه الساكنة هم عبارة عن أناس نعتبرهم "حيين - ميتين " كما وصفتهم الطبيبة ، عايشين معذبين ، مصيطرين عليهم السلطات ، مسيطرين عليهم رئيس الجماعة والأعضاء ، ناشرين فيهم الرعب ، أي فلوس ( ميزانيات) ترسل من الرباط، أين تذهب ، أو أين تصرف؟؟؟ الله وحده يعلم بها...
السيدة الطبيبة ختمت الفيديو بالتوسل الى عاهل البلاد، و تترجاه بأن يلتفت الى هذه الشريحة بكل من الحوز و شيشاوة، وامينتانوت تارودانت وكل المناطق الجبلية، وجمعهم في حواضر تليق بهم و بجميع المغاربة ، وتبنى لهم مستشفيات و مدارس بمواصفات عالية وعالمية ، حتى تبقى المساعدات في وجهتها الحقيقية ،
أما اليوم تضيف الطبيبة، فنحن نصب الماء في الرمال، خاصة وأن الملايير تصرف، أين تصرف؟ لا أثر لها في هذه المواقع المكلومة، ما دامت هذه القرى متفرقة بين الجبال، فلن يظهر عليها أي شيء ولن ينعموا بالتنمية، لهذه الأسباب وغيرها يجب الاعتناء والاهتمام بهم.
و لقائل يقول ، لماذا الدولة تعمل على خلق أقاليم جديدة في بعض الجهات ؟؟؟ بلا شك، لتعميم التنمية وللنهوض بمناطق كانت مقهورة في أقاليمها الأصلية، كانت محرومة من نصيبها من ميزانيات الدولة، فكيف نفسر اقليم أنشأ في تسعينيات القرن الماضي، ولم تظهر على أرضه معالم التنمية ومعالم التطور والازدهار...
اقليم الحوز والأقاليم المجاورة (الهشة) مازالت تعيش في القرون الوسطى كما وصفتها الطبيبة، لا طرق لا مسالك لا مدارس لا مستشفيات تقوم بالمتطلبات الضرورية لا شغل لا تشغيل ... لهذا نقول: رب نقمة فيها نعمة... جاء الزلزال، ضرب مناطق الحوز ، وكأن القدر أراد أن يفتح لهم أبواب النماء، هذا النماء الذي يدخل في برنامج التنمية المستدامة لإنهاء الفقر في المنطقة وضمان الازدهار لساكنة عانت من ويلات الدهر و الادارة و الانسان مند فجر الاستقلال.
|
|
التعاليق