بسمة العواملة تكتب.. الفساد الإداري إنتهاك لحقوق الإنسان
بسمة العواملة
كثيرا ما يكون هناك تقاطعات ما بين الفساد و إنتهاك حقوق الإنسان على اكثر من صعيد، فالفساد بشكله العام يؤدي الى إنهيار الدول بسبب إتساع الفجوة ما بين المواطن والحكومات وزعزعة الثقة بينهما، بحيث يفقد المواطن شيئا فشيئا ثقته بدولته، عندما يرى غياب الشفافية وإنعدام وسائل الرقابة والمساءلة، فعندما يتم إستبعاد الكفاءات و أصحاب الخبرة من المشاركة في رسم السياسات والتشاركية في إعداد الخطط الوطنية، ومن تبوأ المراكز القيادية، بخلاف ما هو منصوص عليه في جميع القوانين و المواثيق الدولية.
فالحق في حرية المشاركة، و المشاركة في الشؤون العامة و الإنتخابات هي من الحقوق التي تضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فالدولة التي يعمل بعض صناع القرار فيها على إقصاء الكفاءات و تهميش ذوي الخبرة وإسناد المناصب الإدارية الى زمرة من الأصدقاء و محاباة البعض على الرغم من عدم إمتلاكهم للكفاءة المطلوبة او الخبرات الكافية لإدارة المنصب الذي يشغلونه، سيؤدي حتما الى زعزعة ثقة الأفراد بالدولة ، و يخلق نوع من عدم الشعور بالإنتماء للوطن ، بسبب الحرمان من حق اساسي والإحساس بإنعدام العدالة الإجتماعية والمساواة.
على عكس ما يجري في الدول التي يستشري فيها الفساد، نجد بالمقابل أن في دول عدة حول العالم التي تحترم حقوق الإنسان، تمتثل لمفهوم المواطنة التي تعطي لجميع رعاياها الحق القانوني بالمشاركة في شؤون الدولة.
كما شهدنا في اكتوبر الماضي في بريطانيا من فوز لريشي سوناك و هو من اصول آسيوية بمنصب رئاسة الوزراء، لأن معيار القيادة في الدولة هو الكفاءة في الإدارة ،وذلك بعد أن حذر من أن الخطة الإقتصادية لرئيسة الوزراء التي سبقته ليز تراس ستجربريطانيا لخسائر كبيرة و هذا ما حدث بالفعل بعد أن تسلمت رئاسة الحكومة البريطانية ، بحيث اعلنت إستقالتها بعد ستة اسابيع من توليها لمنصبها على أثر قرارات وصفت بأنها كارثية.
ففي الدول التي تحكمها الديموقراطية لا يتوانى أن يعترف فيها اصحاب القرار، بإرتكابهم لأخطاء إدارية من خلال تقديمهم للإستقالة من مناصبهم ،لأن الإستمرار في إرتكاب نفس الأخطاء و تكررها، و الإستمرار وكأن لا أحد يلحظ هذه الأخطاء وعلى أمل أن تصلح الأموربعصى سحرية، لا ينم عن جدية في العمل العام ولا عن رغبة حقيقية في التطوير و التغيير.
فالفساد الإداري كمحصلة نهائية يشجع على تجاهل القوانين و الأنظمة والإفلات من العقاب، كما و يمس كافة الحقوق كالحق في الصحة و التعليم و سلامة البيئة وغيرها من الحقوق، ويؤدي الى إنتشار الجرائم كغسيل الأموال والإتجار بالبشر وجرائم العصابات المنظمة وغيرها من الأفعال المجرمة بالقانون.
ومن أجل التصدي للفساد الإداري تحتاج الدول الى تطبيق التزاماتها الثلاث الملقاة على عاتقها بمجال حقوق الإنسان من حيث احترام الدولة لحقوق الافراد، وحماية هذه الحقوق بحيث تمنع إنتهاكها، واخيرا الالتزام بالوفاء بتلك الحقوق سواء السياسية والمدنية، كذلك الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية وغيرها من الحقوق التي اقرتها المعاهدات والمواثيق الدولية حتى تتحقق سيادة القانون و يتم القضاء على الفساد بكافة اشكاله.
|
|
رابط مختصر
شاهد أيضا :
لاتفوتك :
القائمة البريدية
إشترك بالقائمة البريدية للتواصل بجديد الصحيفة بإيميلكم
استطلاعات الرأي
-
هل انت مع تشكيل حكومة من حزب الأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة فقط أم مع توسيعها؟
التعاليق