afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

القهوة و الفناجين

ليلى البصري

التقى بعض خريجي الجامعة في منزل أستاذهم العجوز بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدراسة، و بعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية… و نالوا أرفع المناصب و حققوا الاستقرار المادي والاجتماعي…

بعد الكثير من عبارات التحية والمجاملات… بدأ كل منهم يشتكي من مشاغل الحياة و ضغوط العمل… و التي تسبب لهم الكثير من التوتر و القلق.

غاب الأستاذ عنهم قليلا، ثم عاد يحمل أبريقا كبيرا من القهوة، على صنية تحوي أكواباً اختلف شكلها و لونها و قيمتها: من أكواب صينية فاخرة، و أكواب ميلامين، و أكواب زجاج عادي مروراً بأكواب بلاستيك و كذلك أكوابا من الكريستال… فبعض الأكواب كانت في منتهى الجمال تصميماً ولوناً… وبالتالي كانت باهظة الثمن بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت.

قال الأستاذ مرحّباً بطلابه: – تفضلوا، و ليصب كل واحد منكم لنفسه القهوة… و انتظر حتى بات كل واحد من الخريجين ممسكا بكوب، ثم قال مجددا: – هل لاحظتم ان الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم و أنكم تجنبتم الأكواب العادية… شيء طبيعي ان يتطلع الواحد منكم الى ما هو أفضل و هذا بالظبط ما يسبب لكم القلق والتوتر. ما كنتم بحاجة اليه فعلا هو القهوة وليس الكوب، لكنكم تهافتم على الأكواب الجميلة الثمينة… و لاحظت كذلك أن كل واحد منكم كان مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين، فلو كانت الحياة هي: القهوة فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي الأكواب، وهي بالتالي مجرد أدوات وصحون تحوي الحياة ونوعية الحياة، أما (القهوة) فتبقى نفسها لا تتغير.

عندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة و بالتالي أنصحكم بعدم الاهتمام بالأكواب والفناجين و انصحكم ب (( الإستمتاع بالقهوة )).

في الحقيقة هذه آفة يعاني منها الكثيرون، فهناك نوع من الناس لا يحمد الله على ما هو فيه مهما بلغ من نجاح لأنه يراقب دائما ماعند الآخرين… يتزوج من امرأة جميلة و على خلق، لكنه يظل معتقدا أن غيره تزوج أمرأة أفضل من زوجته. ينظر الى البيت الذي يقطنه ويحدث نفسه أن غيره يسكن في بيت أفخم وأرقى… و بدلا من الاستمتاع بحياته مع أهله وذويه يظل يفكر بما لدى غيره و يقول : ليس لدي ما لديهم !!!!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بات آمناً في سربه، معافاً في بدنه، يملك قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها) وقال أحد الحكماء: “عجبا للبشر!! ينفقون صحتهم في جمع المال فإذا جمعوه أنفقوه في استعادة الصحة، يفكرون في المستقبل بقلق وينسون الحاضر فلا استمتعوا بالحاضر ولا عاشوا المستقبل، ينظرون إلى ماعند غيرهم ولا يلتفتون لما عندهم فلا هم حصلوا على ما عند غيرهم ولا استمتعوا بما عندهم، خلقوا للعبادة وخلقت لهم الدنيا ليستعينوا بها فانشغلوا بما خلق لهم عما خلقوا له”

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد