afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

قوانين الحياة

هبة زووم ـ ليلى البصري
بين الأحراش الوحشية في غابات أمريكا الجنوبية يعيش صيادو الوحوش طوال مواسم الصيد.. حيث تمتلئ حياتهم بالمغامرات المثيرة. وقد روى أحدهم القصة التالية..

فقال: بعد جولة نهارية مرهقة بين الأحراش.. جلست على جذع شجرة لأستريح.. و فيما أنا جالس.. شدت انتباهي صرخات عصفورة صغيرة.. كانت ترف على عشها في جزع شديد، و قد بدى واضحاً أنها تواجه موقفاً عصيباً!

و اقتربت من مصدر الصوت في أعلى الشجرة المجاورة.. فتبين لي سر انزعاجها.. فقد كانت هناك حية كبيرة تزحف صاعدة فوق الشجرة.. وعيناها شاخصتان إلى العش حيث يرقد أفراخ العصفورة الأم..

و بينما كانت الأم تصرخ جزعاً و خوفاً على صغارها.. رأيت العصفور الأب يطير بعيداً..

و يجول في الهواء و كأنه يبحث عن شيء ما.. و بعد لحظات عاد و هو يحمل في منقاره غصناً صغيراً مُغطى بالورق.. ثم اقترب من العش حيث كانت العصفورة تحتضن صغارها..

 فوضع الغصن الصغير فوقهم، و غطاهم بأوراقه العريضة.. ثم وقف فوق غصن قريب يراقب الموقف.. و ينتظر وصول العدو!

و قلت لنفسي: كم هو ساذج هذا العصفور.. أيحسب أن الحية الماكرة سوف تُخدع بهذه الحيلة البسيطة؟!

 و مرت لحظات من التوتر قبل أن تصل الحية إلى الموقع.. و التفت حول غصن قريب.. و عندما اقتربت من العش رفعت رأسها الكبير استعداداً لاقتحامه.

كان واضحاً أن كل شيء قد انتهى تماماً.. غير أن ما حدث بعد ذلك كان مثيراً جداً.. ففي اللحظة التي همت فيها الحية باقتحام العش.. توقفت و استدارت.. ثم تحولت فجأة و أسرعت مبتعدة عن العش و كأنها أصيبت برصاص بندقية!..

 و هبطت الحية عائدة من حيث أتت.. و قد بدى اضطرابها واضحاً!

لم أفهم ما حدث.. لكني رأيت العصفور الأب يعود إلى العش لترتفع صوصوات العائلة السعيدة فرحاً بالنجاة.. و يزيح الغصن من فوق الأفراخ فيسقطه إلى الأرض..

 التقطت الغصن واحتفظت به حتى التقيت بأحد خبراء الحياة البيولوجية في الأحراش اللاتينية..

 فقال لي أن هذه الأوراق تحتوي على مادة شديدة السمية قاتلة للحيات.. حتى أنها تخاف رؤيتها.. و ترتعب من رائحتها.. و تهرب من ملامستها!
تعجبت من تلك القوانين المنضبطة التي تحكم الحياة بدقائقها المثيرة.. فتساند الضعيف.. و تتصدى للقوي.. و تمنح العصفور الصغير علماً و معرفة و حكمة و شجاعة و حباً و أبوة كهذه!

لقد وضع الله تخطيطاً محكماً لجميع مفردات الحياة.. صغيرها وكبيرها.

سبحانك ربي ما اعظمك.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد